مجموعة أدوات حول استخدام الخطاب المضاد للتصدي لخطاب الكراهية على الإنترنت

 

 

عن الخطاب المضاد

1. مقدمة

لقد أصبح جزء كبير من الخطاب العام حول العالم مسمومًا ومستقطبًا، ولا سيما على شبكة الإنترنت. ولحل هذه المشكلة، حاولت بعض الدول اللجوء إلى القانون، إلا أن تجريم الخطاب لا يمنعه من أن يتسبب بأذى، ولا سيما في النطاق الرقمي الذي لا يعرف حدودًا. لا يمنعه أيضًا تلطيف المحتوى الذي تمارسه شركات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة، بالرغم من أنها تحذف ملايين المنشورات كل يوم بسبب انتهاكات للقانون ولقواعدها الداخلية. وهناك طريقة أخرى لتحسين الخطاب لم تنل حتى الآن الاهتمام إلى حد بعيد: الخطاب المضاد على مستوى القاعدة الشعبية، وهو ما يستحق المزيد من الاهتمام والدراسة. ففي النهاية، ما يترك الأثر الأكبر على الكلام والسلوك البشري خارج الإنترنت، أكثر من القانون أو إنفاذ القانون، هو معايير المجموعة، أي القواعد المكتوبة، ولكن القوية، التي تحكم العلاقات بين الناس.

دُرّست قواعد السلوك وطبقت على الدوام في عدد لا يحصى من المحادثات غير المسجلة، وبصورة رئيسية من قبل أفراد يعرفون جمهورهم شخصياً ــ الأهل والمدرسين وزملاء الدراسة ورجال الدين والجيران ــ وليس الحكومات، أو الشركات، أو غيرها من المؤسسات. غير أن ذلك لا ينطبق بالطريقة ذاتها على الإنترنت، بالنظر إلى أن الإنترنت غيّر التواصل البشري بطرق حيوية وهامة: 1) يمكن للناس أن يتحدثوا ويتصرفوا دون القيود الاجتماعية ذاتها التي يشعرون بها خارج الإنترنت، 2) يتواصل أشخاص دون معرفة ببعضهم بعضًا، من خلفيات شديدة التنوع، أكثر بكثير من أي وقت مضى، 3) غالبًا ما تسجل المحادثات عبر الإنترنت، الأمر الذي يتيح دراستها.

تنظَّم الاتصالات على معظم منصات التواصل الاجتماعي من قبل الشركات التي تملك المنصات وتديرها، وبدرجة أقل بكثير من قبل الحكومات التي تحاول أن تفرض على الشركات قمع أنماط معينة من التعبير. لقد هيمنت أشكال السيطرة هذه من الأعلى إلى الأسفل حتى الآن على نقاشات السياسة حول كيفية تحسين الخطاب على الإنترنت. إلا أن آلاف الأشخاص، في غضون ذلك، أخذوا على عاتقهم بهدوء التحدث المضاد على الإنترنت، ومحاولة فرض معايير خطابهم من خلال الرد على المحتوى الذي يجدونه تحقيريًا أو مؤذيًا أو مسيئًا.

يبحث مشروع الخطاب الخطير عن الاستجابات الأفضل للمحتوى المؤذي، ولا سيما المحتوى الذي يزيد من خطر العنف بين الجماعات، والذي يطلق عليه اسم التعبير الخطير. قبل عدة سنوات، لوحظ أن بعض المتحدثين المضادين ينشطون. بدأ الفريق بالبحث عن المزيد، وبصورة تدريجية بدأ يجد المزيد.

بعضهم يعمل بمفرده، والعديد منهم يتحدثون بشكل مضاد معًا في مجموعات جيدة التنسيق يبلغ عددها الآلاف. إن جهودهم هي جهود شعبية حقيقية: فقد بذلها جميع المتحدثين المضادين طوعًا، دون أجر.

كان مشروع الخطاب الخطير قد درسهم ودرس جهودهم، لينتج أول دراسة إثنوغرافية للمتحدثين المضادين، وهي ورقة مفصلة حول ما يحاولون تحقيقه، ومراجعة للبحث حول التأثير الذي يتركونه فعلًا. بصورة عامة، أهدافهم متماثلة تمامًا، وأدواتهم مختلفة بصورة لافتة. ومن كل هذا العمل، الذي يعد أكبر مجموعة بحث حول الخطاب المضاد في العالم حسب معرفتنا، أنشأ مشروع الخطاب الخطير المحتوى لمجموعة الأدوات هذه.

2. ما هو الخطاب المضاد

الخطاب المضاد هو ممارسة استجابة لخطاب يبدو مؤذيًا أو مسيئًا. ويمكن أن يأخذ أشكالًا عدة، كتحدي الكلام المؤذي أو فضحة أو انتقاده، وتضخيم وجهات النظر البديلة وتوفير معلومات دقيقة وتعزيز التعاطف مع الآخر والتفهم. تستخدم المنظمات والباحثون تعريفات مختلفة للخطاب المضاد. وفي ما يلي بعض الأمثلة:

  • يعرف مشروع الخطاب الخطير الخطاب المضاد على أنه «أي استجابة مباشرة لخطاب مؤذ أو خطاب كراهية تسعى إلى تقويضه». يميز مشروع الخطاب الخطير الخطاب المضاد عن السردية المضادة، التي تعني تقديم وجهة نظر تناقض وجهة نظر أخرى، دون الرد على أي محتوى معين، وبذلك فإن مقالًا نسويًا سيكون سردية مضادة لكراهية النساء، على سبيل المثال.
  • يميز مجلس أوروبا بالطريقة ذاتها بين الخطاب المضاد والسردية المضادة، التي يطلق عليها اسم «الخطاب البديل». فبحسب المجلس، «في حين أن الخطاب المضاد رد فعل قصير ومباشر على رسائل كراهية، فإن الخطاب البديل لا يتحدى عادة خطاب الكراهية أو يشير إليه بصورة مباشرة، بل يغير عوضًا عن ذلك إطار المناقشة».
  • تعتبر نادين ستروسن، المدافعة عن الحريات المدنية والرئيسة السابقة لاتحاد الحريات المدنية الأمريكية، وهي منظمة مناصرة أمريكية ذات مكانة مرموقة، أن السردية المضادة هي شكل من أشكال الخطاب المضاد. ووصفت ستروسن الخطاب المضاد على أنه «مصطلح اختزالي لأي خطاب يسعى إلى مواجهة الآثار السلبية المحتملة لخطاب الكراهية أو أي خطاب آخر مثير للجدل. ومن الأشكال الرئيسية للخطاب المضاد التثقيف أو المعلومات التي تواجه الأفكار أو المواقف التي يعكسها الخطاب الإشكالي».
  • تكتب رابطة مانرهايم لرعاية الطفل أن «الخطاب المضاد هو عكس خطاب الكراهية». «الخطاب المضاد تعبير متعاطف وتعبير إنساني. الهدف من الخطاب المضاد إظهار أن ثمة قيمة لكل شخص. وفي الحالات اليومية، يعني الخطاب المضاد الوقوف إلى جانب هدف يتعرض للتمييز».
  • يعرف الخطاب المضاد من قبل جوشوا جارلاند وزملاؤه، الباحثون في الخطاب المضاد، على أنه «شكل من أشكال الاستجابة التي تستند إلى المواطنة لمحتوى يحض على الكراهية لتثبيطه أو إيقافه أو تقديم الدعم للضحية، مثلًا من خلال الإشارة إلى الأخطاء المنطقية في تعليق يحض على الكراهية أو استخدام حقائق للتصدي للمعلومات المضللة».

على الرغم من اختلاف هذه التعريفات، فإنها جميعًا تصف خطابًا مضادًا بصفته ردًا على خطاب كراهية، كان يهدف إلى تقليل آثاره المؤذية. وثمة أهمية أيضًا للاختلافات بين التعريفات. يختلف الباحثون والعاملون في المجال حول إذا ما كان الخطاب المضاد مدنيًا دائمًا، على سبيل المثال. ففي حين يؤكد البعض أنه كذلك، مثل رابطة مانرهايم لرعاية الطفل التي تعرفه على أنه «تعبير إنساني متعاطف»، لا تشمل معظم التعريفات هذا الوصف. ومن بين الاختلافات الأخرى هو إذا ما كانت التعريفات ضيقة (تتطلب صلة ما بين الخطاب الأصلي والرد) أو واسعة (تجمع أصناف الخطاب المضاد والخطاب البديل\السردية المضادة معًا).

ليس جديدًا الرد على خطاب مسيء، فلقد عبر الناس منذ فترة طويلة، بطريقة أو بأخرى، عن عدم موافقتهم على التعليقات التي يجدونها مؤذية. إلا أن مفهوم الخطاب المضاد بصفته رد فعل على الكراهية حديث نسبيًا.

ظهر «الخطاب المضاد» في المطبوعات منذ مطلع القرن التاسع عشر على الأقل، على الرغم من أن المصطلح في جميع تلك الحالات الباكرة كان يعني ببساطة دحض أي خطاب (ليس بالضرورة نصوصًا مؤذية أو تحض على الكراهية). على سبيل المثال:

  • «لا يتناسب الخطاب والخطاب المضاد مع بعضهما. كان المتحدثون يستخدمون لغة بالغة التعقيد». (كتب عام 1918 في The Independent Vol. 95، وهي مجلة أسبوعية تصدر في مدينة نيويورك بين عامي 1848 و1928).
  • «فأولها يحتوي على 3 خطابات عن الحب، واحد من خطابات ليسياس التي كانت تؤيد الموقف القائل أن الصبي يجب أن يمنح معروفه لمحب بارد غير عاطفي لا لعاشق مبتهج ومنفعل، وخطابان من سقراط، الأول خطاب تكميلي، بالمعنى ذاته الذي كانت به هذه الخطابات معتادة في محاكم العدل للدفاع عن القضية ذاتها مع السابقة، والخطاب الآخر، على العكس، هو خطاب مضاد يصب في مصلحة الخاطب العاطفي المتهم بشدة في الأول». (من مقدمات شلايرماخر لحوارات أفلاطون. 1836). المفهوم المعاصر للخطاب المضاد أكثر حداثة بكثير، وكما هو مبين في الشكل أدناه، فقد أصبح المصطلح أكثر شيوعًا في السنوات الأخيرة.

الرسم من Google Books Ngram Viewer – استخدام المصطلحات في كتب اللغة الإنجليزية من 1820 إلى 2019

في الولايات المتحدة، غالبًا ما يعود أثر مفهوم الخطاب المضاد إلى قاضي المحكمة الأمريكية العليا لويس د. برانديز، الذي كتب في رأيه الشهير عام 1927 أن الرد على الخطاب المؤذي، وليس فرض رقابة عليه، هو أفضل رد. وعلى الرغم من أنه انضم إلى بقية المحكمة في تأييد إدانة امرأة من كاليفورنيا كانت قد ساعدت في تأسيس حزب العمل الشيوعي الأمريكي، فقد أعلن برانديز:

«إن كان ثمة وقت لكشف الأكاذيب أو المغالطات عبر المناقشة، وتجنب الشر من خلال عملية التعليم، فإن العلاج الذي سيطبق سيكون المزيد من التعبير، لا الصمت القسري».

غالبًا ما يطلق المحامون الأمريكيون على هذا اسم عقيدة الخطاب المضاد، على الرغم من أن برانديز لم يستخدم هذا المصطلح على الإطلاق. وبناء عليه وعلى أفكار أخرى ذات صلة، فقد فسرت المحكمة العليا بند حرية التعبير في دستور الولايات المتحدة بصورة واسعة، الأمر الذي جعله القانون الوطني الأكثر حماية للتعبير في العالم.

3. ما هي السردية المضادة

السردية المضادة هي منظور أو قصة تتحدى وجهة أو تعارض نظر أخرى حول موضوع أو قضية أو حدث محدد. وتقدم تفسيرًا أو تحليلًا أوفهمًا بديلًا لأحداث تاريخية أو قضايا اجتماعية أو أعراف ثقافية أو أيديولوجيات سياسية.

عادة ما تتطور السرديات المضادة من قبل جماعات أو أفراد مهمشين يتحدّون الأفكار أو القناعات السائدة التي تعزز الصور النمطية أو الاضطهاد أو الإقصاء. وتهدف إلى توفير صوت لأولئك الذين لا صوت لهم أغلب الأحيان أو أسيء تمثيلهم في السرديات التقليدية. وتستخدم حملات السرديات المضادة أيضًا في كثير من الأحيان لمواجهة التطرف.

تطلق الحملات أحيانًا من قبل منظمات غير حكومية أو حكومات، وتأخذ هيئة فيديوهات قصيرة أو إعلانات أو حتى ألعاب فيديو مصممة لتحقق انتشارًا لدى جمهور مستهدف. تعد سلسلة Average Mohammad، وهي سلسلة من مقاطع الفيديو المتحركة حول مهاجر صومالي يعيش في الولايات المتحدة، من تصميم منظمة غير حكومية تحمل الاسم نفسه، مثالًا جيدًا عن هذا النوع من جهود السرديات المضادة. العنوان أيضًا اسم للشخصية الرئيسية في الفيديو، الذي يتحدى البروباغاندا المستخدمة من قبل مجموعات متطرفة مثل داعش لتلقين أفكارها للشباب المسلم وتجنيدهم.

تشارك سرديات مضادة أخرى عبر حملات شعبية، غالبًا على مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام هاشتاغ مشترك. أحد الأمثلة على هذا النوع من ردود الفعل هو حملة #صديقي التي أطلقت في عام 2015 من قبل الناشط البورمي والسجين السياسي السابق واي واي نو. نال الخطاب الخطير الذي يستهدف المسلمين في ميانمار، لا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي، اهتمام الباحثين في مجال حقوق الإنسان، وفي عام 2018، ذكر محققو الولايات المتحدة أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت «دورًا حاسمًا» في حملة الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي قتل فيها جيش ميانمار ما يزيد عن 10 آلاف من مسلمي الروهينغا.

شجعت حملة #صديقي شعب بورما على نشر صور شخصية مع أصدقاء من أديان وإثنيات مختلفة إلى جانب #صديقي و #صداقة دون حدود بهدف الحد من «جميع أشكال التمييز والحقد وخطاب الكراهية والعنصرية المتطرفة استنادًا إلى الدين والإثنية والقومية واللون والجندر» في ميانمار والتشجيع على «المحبة والصداقة» بين الجماعات. في ميانمار خلال هذه الفترة، كانت المجاهرة في الحديث ضد الحكومة تعني خطر السجن أو ما هوا أسوأ. كانت حملة MyFriend# رفضًا ملطفًا وواضحًا في الآن نفسه للرسائل التي تعلّم أن مسلمي الروهينغا خطر على ميانمار وغالبيتها البوذية.

4. الشركاء

مشروع مستقبل حرية التعبير

أطلق مشروع مستقبل حرية التعبير في عام 2020 من قبل مجمع التفكير الدانماركي جوستيتيا، ومنذ عام 2023 بات المشروع تعاونًا بين جوستيتيا وجامعة فاندربيلت.

قيمة حرية التعبير

حرية التعبير هي حصن الحرية، ومن دونها لا يكون قد تأسس أي مجتمع ديمقراطي وحر أو ازدهر. كانت حرية التعبير أساس تقدم سياسي واجتماعي وعلمي غير مسبوق أفاد الأفراد والجماعات والأمم والإنسانية ذاتها. يستمد ملايين الناس الحماية والمعرفة ومعنى جوهري من حقهم في تحدي السلطة ومساءلة الأرثوذوكسية وكشف الفساد والتصدي للقمع والكراهية والتعصب.

ونحن نؤمن في مشروع مستقبل حرية التعبير أن ثقافة مرنة وقوية من حرية التعبير يجب أن تكون أساس مستقبل أي مجتمع ديمقراطي وحر. ونؤمن أنه حتى بروز تحديات ومخاطر جديدة التي يأتي بها التغير التكنولوجي السريع، فإن حرية التعبير يجب أن تواصل خدمة هدف مثالي وحق رئيسي لجميع الشعوب، بصرف النظر عن العرق أو الإثنية أو الدين أو القومية أو الميل الجنسي أو الجندر أو المكانة الاجتماعية.

ركود حرية التعبير العالمية

تشهد حرية التعبير تراجعًا عالميًا منذ أكثر من عقد. ودون كبحه، فإن هذا التدهور في حرية التعبير يهدد الحرية الفردية والمجتمع المدني والمؤسسات الديمقراطية، إضافة إلى التقدم في العلم والفلسفة. هناك العديد من الأسباب للتراجع العالمي في حرية التعبير، بما في ذلك صعود النزعة التسلطية في جميع القارات. وحتى في المجتمعات المفتوحة، فإن السيرورة الديمقراطية وانتشار الخطاب على الإنترنت يعتبران بصورة متزايدة تهديدًا أكثر من كونهما شرطًا مسبقًا لمجتمعات فاعلة وحرة ومتسامحة وتعددية. أفضت التهديدات، الحقيقية منها والمتخيلة، المتولدة عن خطاب الكراهية والتطرف والإرهاب والمعلومات المضللة إلى دعوات لتنظيم أكثر صرامة للتعبير من جانب كل من الحكومات الديمقراطية والاستبدادية وشركات وسائل التواصل الاجتماعي والأفراد والمنظمات غير الحكومية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تسبب فايروس كورونا الذي تفشى مؤخرًا لا بحالة طوارئ صحية عالمية فحسب، بل أيضًا بجائحة رقابة عالمية، إذ سعت العديد من الحكومات إلى قمع المعلومات المضللة، في حين أن حكومات أخرى انتهزت الفرصة لانتزاع سلطة أكبر على كل من الصحافة والآراء على الإنترنت. تدابير كهذه تضع كلًا من قيمة حرية التعبير والحق فيها تحت ضغط، وتخلق تحديًا لدى المدافعين عن حرية التعبير لإعادة النظر في محاججاتهم حول أهمية حرية التعبير وتحديثها وتطويرها. الدروس التاريخية شديدة الأهمية لفهم قيمة حرية التعبير، لكن في عصر رقمي يمكن أن تنتقل فيه البروباغاندا والمعلومات المضللة حول العالم خلال ثوان، لم يعد كافيًا الاكتفاء بالاعتماد على حجج حرية التعبير المجربة والمختبرة من عصور سابقة.

عملنا

لكي نفهم بصورة أفضل تراجع الحرية ونتصدى له، يسعى مشروع مستقبل حرية التعبير إلى الإجابة عن 3 أسئلة كبرى: لماذا تشهد حرية التعبير تراجعًا عالميًا؟ كيف بوسعنا أن نفهم بصورة أفضل ونتصور فوائد ومضار حرية التعبير؟ كيف بوسعنا خلق ثقافة مرنة وعالمية لحرية التعبير تفيد الجميع؟ تكمن الأهداف في أن نفهم بصورة أفضل لم نحتاج حرية التعبير وأن نفسر بصورة أفضل سبب كون حرية التحدث أمرًا جوهريًا. وسنستقرئ أيضًا كيف بوسعنا أن نحمي حرية التعبير فيما نحن نتصدى لمخاوف مشروعة تتعلق بالمعلومات المضللة والتطرف وخطاب الكراهية.

لفعل ذلك، فإننا نسعى وراء إطار من 3 أجزاء: (1) من خلال استطلاعات الرأي والأبحاث سنقيس المواقف العالمية حيال حرية التعبير ونحلل إذا ما كانت المخاوف والحجج المشتركة المستخدمة لتبرير القيود المفروضة على حرية التعبير تستند إلى أضرار حقيقية أو متخيلة. (2) من خلال الدفاع عن المعايير القائمة اللازمة لمقاومة التدهور التسلطي العالمي لحرية التعبير، وتعزيزها. (3) من خلال التوعية، يوفر مشروع مستقبل حرية التعبير للناشطين وصانعي السياسات والأكاديميين وغيرهم من أصحاب المصالح الهامين البيانات والحجج والمعايير للمساعدة في إيقاف ما يسميه مشروع مستقبل حرية التعبير انحسار حرية التعبير.

بصورة قصوى، يهدف مشروع مستقبل حرية التعبير إلى خلق معرفة وإطلاق الانخراط الضروري لتحفيز الناشطين وإقناع المتشككين ومقاومة المستبدين وتعزيز ثقافة عالمية مرنة لحرية التعبير.

مشروع الخطاب الخطير

مشروع الخطاب الخطير هو فريق بحث غير حزبي وغير ربحي يدرس الخطاب الخطير: أي شكل من أشكال التواصل يمكن أن يزيد من خطر أن تنقلب مجموعة من الأشخاص بعنف ضد مجموعة أخرى. نحاول أن نجد أفضل الطرق لمواجهة ذلك، وفي الوقت نفسه أن نحمي حرية التعبير. لسنا جزء من جامعة أو أي مؤسسة أخرى.

مهمتنا

نتصور عالمًا خاليًا من العنف المستوحى من الخطاب الخطير، عالم يتمتع فيه الناس بالكامل بحرية التعبير. نجهز الأشخاص لمواجهة الخطاب الخطير والعنف الذي يحفزه، عن طريق البحث والتثقيف وتطبيق السياسات.

عملنا

يعمل مشروع الخطاب الخطير بصورة رئيسية ضمن 5 مجالات:

  1. دراسة وتطوير أفكار مفيدة حول الخطاب الخطير وأضراره

نجمع ونحلل أمثلة راهنة وتاريخية عن الخطاب الخطير من أنحاء العالم، لكي نفهم بصورة أفضل الصلة بين الخطاب والعنف. واستنادًا إلى هذا البحث، كتبنا دليلًا علميًا مفصلًا لتحديد الخطاب الخطير ومواجهته، على الإنترنت وخارجه.

وتوفر الأسئلة الشائعة إيضاحات سريعة أيضًا.
من خلال برنامج الزمالة الخاص بنا، طلبنا دراسات تفصيلية ومجموعات بيانية عن الخطاب الخطير من باحثين في عدد من البلدان، نظرًا إلى أن هذا التحليل ينجز بالصورة الأمثل من قبل أشخاص طليقين في اللغات ومطلعين على الثقافات ذات الصلة.

  1. التحقيق في الردود على الخطاب الخطير وخطابات أخرى مؤذية وتقييمها، بما في ذلك خطاب الكراهية
    لتقليل آثار الخطاب الخطير والأشكال الأخرى من التعبير المؤذي، ندرس مجموعة واسعة من الطرائق، العديد منها طرق خلاقة ومتعارضة، طورها أشخاص ومنظمات المجتمع المدني للاستجابة إلى خطاب كهذا بطرق بناءة، بما في ذلك الخطاب المضاد. لقد جمعنا العديد من هؤلاء الرواد معًا للمرة الأولى، على المستويين الخاص والعام، الأمر الذي أسهم في إثراء بحثنا وعملنا الإجمالي.
  2. تكييف أفكار الخطاب الخطير وتأطيرها ونشرها لاستخدامها من قبل المجتمعات الرئيسية.
    بقدر ما نستطيع، نوصل أفكارنا إلى الأشخاص الذين يستطيعون استخدامها لدراسة الخطاب الخطير ومواجهته. وبالإضافة إلى إتاحة منشوراتنا على نطاق واسع، فإننا نجري أيضًا دورات تدريبية وورش عمل لمجموعات متنوعة تشمل الناشطين والمعلمين والمحامين والباحثين والطلاب وموظفي شركات التكنولوجيا. ونتيجة لهذه الجهود وجهود أخرى، استخدم عملنا لدراسة الخطاب الخطير و\أو مواجهته في مختلف البلدان مثل نيجيريا وسري لانكا والدانمارك والمجر وكينيا وباكستان والولايات المتحدة.
  3. تقديم المشورة لصناع القرارات وانتقادهم حول إدارة الخطاب
    باعتبارنا خبراء في الطرق التي يؤدي بها الخطاب إلى توليد العنف، فإننا نستخدم أبحاثنا لتقديم المشورة لصناعة التكنولوجيا حول كيفية توقع الخطاب المؤذي وتقليل أثره والاستجابة له بطرق تحول دون العنف وتصون في الوقت نفسه حرية التعبير.
    ننصح العديد من شركات التكنولوجيا حول سياسات المحتوى الخاص بهم، ونوفر أبحاثنا للإجابة عن أسئلة حول ما ينبغي فعله بشأن خطاب الكراهية والعنف ضد النساء وجيوش المتصيدين الحكومية وتنظيم المحتوى خلال الانتخابات والخطاب التحريضي في البلدان المعرضة لخطر العنف بين الجماعات.
  4. تعزيز وحماية قدرة الباحثين على دراسة المحتوى على الإنترنت
    نؤمن إيمانًا عميقًا بضرورة تعاون الشركات خارجيًا للبحث عن طرق للحد من السلوك المؤذي على منصاتها ونشر النتائج بشفافية. لتحقيق هذه الغاية، فإننا أعضاء مؤسسون في تحالف للبحث التكنولوجي المستقل الذي يعمل على إلزام الشركات بمشاركة بياناتها لأبحاث المصلحة العامة وحماية الباحثين الذين يجمعون البيانات بصورة مستقلة من الشركات، وتأسيس أفضل الممارسات لأبحاث مصلحة عامة أخلاقية وتحمي الخصوصية.

5. خلفية المشروع

سعت المرحلة الأولى من مشروع مستقبل حرية التعبير (2020 – 2023) إلى التحقيق في «ركود حرية التعبير» وعكس مساره، والعمل على خلق ثقافة مرنة لحرية التعبير. حقق المشروع أهدافه من خلال الأنشطة البحثية والتوعوية، والعمل مع مجموعة من أصحاب المصلحة، كشركات وسائل التواصل الاجتماعي والدول والمؤسسات الدولية والمجتمع المدني. أراد مشروع مستقبل حرية التعبير أن يحقق في الأسباب المحتملة لهذا الركود، الذي عادة ما ينسب إلى الشعبوية التسلطية وقمعها للمعارضة ومشاركة المجتمع المدني والصحافة المستقلة.

أسست المرحلة الثانية من مشروع مستقبل حرية التعبير (2023 – 2026) على نتائج المرحلة الأولى وتسعى إلى بناء إطار تعزز من خلاله حرية التعبير ويجري تبنيها بصفتها وسيلة للحد من الظواهر السلبية على الإنترنت. وبهذه الطريقة، وبالتعاون مع أفضل المؤسسات والمنظمات في هذا المجال، نعمل على تطوير إجراءات حماية التعبير (رقمية وتناظرية) لمحاربة الكراهية والمعلومات المضللة والبروباغاندا. لذلك، وبدلًا من صرف النظر عن حقيقة أن الخطاب المتطرف يمكن أن يساهم في أذى حقيقي، يركز مشروع مستقبل حرية التعبير على استكشاف طرق غير تقييدية وتعزيزها يمكن من خلالها استخدام حرية التعبير والوصول إلى المعلومات لمكافحة الكراهية والمعلومات المضللة والبروباغاندا التسلطية في العصر الرقمي. أحد المخرجات التي اقترحها مشروع مستقبل حرية التعبير هي مجموعة الأدوات الحالية التي تهدف إلى تمكين مستخدمي الإنترنت والناشطين على الإنترنت ومنظمات المجتمع المدني لاستخدام الخطاب المضاد كآلية مركزية يمكن عن طريقها معالجة الأذى الذي يرافق سيل الأفكار والآراء على الإنترنت. وفي ضوء ذلك، دخل المشروع في شراكة مع مشروع الخطاب الخطير الذي طور، بخبرته وتجربته، محتوى مجموعة الأدوات هذه التي من المأمول أنها ستمكن المستخدمين وتلهمهم لأن يفهموا ويستخدموا الخطاب المضاد بصورة أفضل.

علاوة على ذلك، وبالتعاون مع معهد فاندربيلت لعلوم البيانات، يعمل مشروع مستقبل حرية التعبير على تطوير تطبيق يستند إلى الذكاء الاصطناعي يتيح للمستخدمين أن يستجيبوا بسرعة لخطاب الكراهية على الإنترنت باستخدام أساليب الخطاب المضاد. سيسمح هذا التطبيق، المدعوم بنماذج لغوية كبيرة (LLMs) مثل ChatGPT، للمستخدمين برفع منشور مؤذ رصد على الإنترنت وإنشاء رد خطاب مضاد على المنشور بصوت المستخدم نفسه. لتنصيب التطبيق وتخصيصه، يأخذ التطبيق المعلومات من المستخدم، كقيم المستخدم وعينات عن طريقة الكتابة، إضافة إلى مجموعة قابلة للتخصيص من الوثائق التي تحوي استراتيجيات للرد على خطاب الكراهية. إضافة إلى ذلك، سيمتلك التطبيق قدرة على الوصول إلى قاعدة البيانات لسياق خطاب الكراهية، مثل الاختصارات والمفردات التي تستخدم من قبل جماعات متطرفة، قد لا يرصد وجودها في الفحص الأولى للمحتوى. بعد هذا الإعداد الاولي لتفضيلات المستخدم، يمكن للمستخدم إدخال منشور مؤذ وسيقدم التطبيق ردًا على هذا المنشور.

ليس الهدف أتمتة الخطاب المضاد بصورة تامة، بل تبسيط ومساعدة المستخدمين في عملية صياغة الاستجابات الفعالة. الأمل من هذا المشروع هو أن يخفف الأعباء على مستخدمي الخطاب المضاد في الاستجابة للكم الكبير من خطاب الكراهية على الإنترنت اليوم، إضافة إلى الحفاظ على حرية التعبير.

لذلك فإننا نأمل أن تكون مجموعة الأدوات والتطبيق القادم مفيدين لأولئك الذين يعملون أو يرغبون بالعمل على استخدام الخطاب المضاد لمواجهة الكراهية على الإنترنت.

لأي محتوى يستجيب الخطاب المضاد؟

يقوم المتحدثون بشكل مضاد بخياراتهم الخاصة حول المحتوى الذي يستوجب ردًا، وبالتالي فإن قرارتهم ذاتية ومتنوعة. تعين بعض جماعات المتحدثين بشكل مضاد عددًا من الأعضاء لاختيار المحتوى الذي يستجيب له الباقون. وفي جميع الحالات، فإن المتحدثين بشكل مضاد أنفسهم لا يختارون المحتوى الذي سيواجهونه فحسب، بل أيضًا أي مصادر أو مؤلفين. مثلًا، يدحض بعض المتحدثين بشكل مضاد بروباغاندا الدولة، على الرغم من أنها في بعض الأحيان تضعهم في خطر الانتقام من حكومات قوية وانتقامية و\أو مؤيديها.

عند سؤالهم عن المحتوى الذي يسعون وراءه، فإن معظم المتحدثين بشكل مضاد الذين قابلهم مشروع الخطاب الخطير قالوا «خطاب الكراهية». يستجيب المتحدثون بشكل مضاد أيضًا لأنواع أخرى من المحتوى، وذلك في جميع الحالات لأنهم يعتقدون أنه مؤذ، بما في ذلك الخطاب الخطير والمعلومات المضللة والمحتوى الإرهابي، الذي هو بحد ذاته فئة متنوعة. هذه الأنواع من المحتوى، التي يمكن لها جميعًا أن تتداخل مع بعضها، مشروحة أدناه.

خطاب الكراهية

هذا هو المصطلح الأكثر شيوعًا لمحتوى يكون محط سخط في اللغة الإنجليزية، وتستخدم تنويعات للمصطلح أيضًا في اللغات الأخرى. وعلى الرغم من عدم وجود إجماع على تعريف خطاب الكراهية، فإن جميع التعريفات تصف محتوى يحط من قدر الناس أو يهاجمهم لا بصفتهم أفراد بل لأنهم جزء من مجموعة بشرية ما.

لذلك، إذا قال طفل لأمه «أكرهك»، فذلك لا يعتبر خطاب كراهية لأن العاطفة موجهة نحو الأم بمفردها وبحد ذاتها، لا بصفتها عضوًا في أي مجموعة. ويأمل المرء أيضًا أن عاطفة الطفل ليست قوية أو لن تدوم لتشكل كراهية، على الرغم من أنه ليس ثمة إجماع أيضًا حول ما تعنيه كلمة «كراهية» بالضبط. نادرًا ما يقنون «خطاب الكراهية» أو يعرف في القانون. قدمت الأمم المتحدة، في خطة واستراتيجية العمل حول خطاب الكراهية، هذا التعريف الفضفاض بشدة، «أي نوع من التواصل في الخطاب أو الكتابة أو السلوك يهاجم أو يستخدم لغة تحقيرية أو تمييزية في الإشارة إلى شخص أو جماعة استنادًا إلى هويتهم، وبكلمات أخرى، استنادًا إلى دينهم أو إثنيتهم أو قوميتهم أو لونهم أو عرقهم أو أصلهم أو جنسهم أو أي عامل هوياتي آخر». ليس ثمة تعريف لخطاب الكراهية في القانون العالمي لحقوق الإنسان. تشير الأمم المتحدة إلى أن «المفهوم ما يزال قيد النقاش».

الخطاب الخطير

الخطاب الخطير هو أي شكل من التعبير (بما في ذلك الخطاب أو النص أو الصور) يمكن له أن يزيد خطر أن يتسامح جمهوره مع العنف أو يشارك فيه ضد أعضاء من جماعة أخرى. يختار بعض المتحدثون المضادون أن يستجيبوا إلى الخطاب الخطير نظرًا إلى أنه يعتبر فئة أصغر وأكثر موضوعية من خطاب الكراهية، ونظرًا إلى أنهم يرون في العنف بين الجماعات أذى خاص جدًا عليهم محاولة منعه. تبحث مجموعة #نحن هنا من المتحدثين المضادين في كندا، مثلًا، عن الخطاب الخطير وتستجيب له.

برزت فكرة الخطاب الخطير بعد أن لاحظ مشروع الخطاب الخطير تشابهات صادمة في البلاغات التي يستخدمها القادة لإثارة العنف في بلدان وثقافات وفترات تاريخية مختلفة كليًا. من بين هذه «السمات» البلاغية أو النماذج المتكررة في الخطاب الخطير نزع الصفة الإنسانية، أو الإشارة إلى الناس في جماعة أخرى بأنهم حشرات، أو حيوانات خطيرة أو مكروهة أو بكتيريا أو سرطان. لا يمكن للبلاغات وحدها أن تجعل الخطاب خطيرًا، ولو أن السياق الذي يعبر عنها ضمنه تكون له الأهمية ذاتها.

لمزيد من المعلومات حول #أنا هنا (الذي يعد #نحن هنا كندا جزء منه)، راجع قسم الأمثلة.

 

التضليل والمعلومات المضللة

يشير كلا المصطلحين إلى الكلام الخاطئ. تنشر المعلومات المضللة من قبل أشخاص يعرفون أنها كاذبة، وتنشر المعلومات الخاطئة من قبل أشخاص يعتقدون خطأً أنها صحيحة، لذلك يمكن أن يكون نفس المحتوى معلومات مضللة وخاطئة، اعتمادًا على من ينشرها. وعلى أية حال، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى ضرر كبير يمكن قياسه. أحد الأمثلة البارزة الحديثة هو التأكيدات على أن فيروس كورونا لم يكن بنفس خطورة اللقاحات المضادة له. ردًا على هذا المحتوى، رفض العديد من الأشخاص التطعيم، وتوفي بعضهم نتيجة ذلك دون داع. من الأمثلة الأخرى تأكيد روسيا، قبل غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022، أن السبب الرئيسي للغزو هو أن أوكرانيا كانت تدار من قبل النازيين، علمًا أن رئيسها فولوديمير زيلينسكي يهودي. غالبًا ما يحاول المتحدثون بشكل مضاد فضح المعلومات المضللة والمعلومات الخاطئة على أمل حماية الناس منها عن طريق إقناعهم بأنها خاطئة. تنظم أكبر مجموعة جماعية للخطاب المضاد، #jagärhär أو «#أنا هنا» باللغة السويدية، والتي بدأت في عام 2016، أعضاءها لمواجهة المعلومات المضللة التي تحض على الكراهية. في إحدى الحالات، امتلأت التعليقات الواردة ضمن مقال يفيد بوجود عدة حالات مؤكدة من الوباء الدبلي في الصين بملاحظات تصف الصين بأنها «دولة معدية»، بالإضافة إلى العديد من التعليقات التي تشير إلى أن النظام الغذائي للشعب الصيني هو الذي تسبب في المرض. ردًا على ذلك، كتب أعضاء #jagärhär تعليقات تتحدى فكرة أن النظام الغذائي للشعب الصيني خطير بشكل فريد، مصححين المعلومات الخاطئة حول الوباء، مع وصفهم العديد من التعليقات في الموضوع بالعنصرية.

 > لمزيد من المعلومات حول #أنا هنا، راجع قسم الأمثلة.

 

المحتوى الإرهابي والمتطرف العنيف

المحتوى الإرهابي والمتطرف العنيف هو مصطلح تستخدمه بعض الحكومات وشركات التكنولوجيا لوصف مجموعة متنوعة من المحتوى الذي يمجد الإرهاب أو يروج له، والذي يمكن استخدامه لتجنيد الأشخاص كإرهابيين. تُعرّف وزارة الشؤون الداخلية النيوزيلندية المحتوى الإرهابي والمتطرف العنيف بأنه «مواد كراهية أو مرفوضة (غير قانونية) تروج لوجهات نظر متطرفة ومؤذية مثل:

  • المقالات أو الصور أو الخطابات أو الفيديوهات التي تروج للعنف أو تشجع عليه
  • مواقع إلكترونية صممها الإرهابيون أو المنظمات المتطرفة
  • فيديوهات لهجمات إرهابية وأي محتوى آخر يروج للتطرف العنيف».

غالبًا ما تستخدم السرديات المضادة لمحاولة تقويض المحتوى الذي تستخدمه الجماعات المتطرفة لنيل أعضاء جدد. في معظم الحالات، رسمت حملات سرديات مضادة كهذه للوصول إلى الأشخاص حتى قبل أن يواجهوا المحتوى الإرهابي والمتطرف العنيف على الإنترنت، كي لا يكونوا عرضة للتجنيد. من بين الأمثلة على ذلك مقاطع الفيديو المتحركة ذات السردية المضادة التي تسمى Average Mohamed، وشخصيته الرئيسية هي مهاجر صومالي إلى الولايات المتحدة. في أحد الأمثلة، يسأل Average Mohamed: «ماذا تظن سيكون وصف وظيفتك عندما تنضم إلى تنظيم الدولة الإسلامية؟» ثم يجيب على سؤاله: قتل وقطع رؤوس وترويع أناس أبرياء، وتدمير مواقع التراث العالمي، وتمكين الأشخاص غير المنتخبين والأشرار. «ليس عالم ديزني بالضبط… كما تقول الدعاية، أليس كذلك؟» يقول محمد.

إن المحتوى الإرهابي والمتطرف العنيف محظور على معظم المنصات على الإنترنت وغالبًا ما يكون غير قانوني في العديد الأحكام القضائية، لذا عند التخطيط لاستراتيجيات الخطاب المضاد والسرديات المضادة، من المهم تذكر أنه من المرجح أن يحذف المحتوى الأصلي في مرحلة ما.

 

أهداف الخطاب المضاد

حين يختار الناس الرد على خطاب الكراهية بدلًا من مجرد تجاهله، غالبًا ما يكون لديهم مجموعة متنوعة من الدوافع، وهدف شامل يتقاسمونه مع العديد من المتحدثين المضادين الآخرين: تحسين الخطاب على الإنترنت.

يذكر العديد من المتحدثين المضادين أن منشوراتهم وتعليقاتهم تستهدف بالدرجة الأولى أولئك الذين يقرؤون خطاب الكراهية – المتفرجون الصامتون – وليس أولئك الذين يكتبونه. ويأمل البعض في تغيير آراء المتفرجين في «الوسط القابل للتحرك» – أي الأشخاص الذين يقرؤون المناقشات المشحونة على الإنترنت بين أشخاص يملكون وجهات نظر متعارضة، ولكن ليس لديهم معتقدات قوية حول المواضيع نفسها. يحاول بعض المتحدثين المضادين أيضًا الوصول إلى الأشخاص الذين يتفقون معهم بالفعل، ولكنهم لا يجرؤون بعد على التعبير عن آرائهم على الإنترنت. من شأن توظيف متحدثين مضادين جدد أصحاب تفكير مماثل أن يزيد من كمية الخطاب المضاد، ومن الأسهل القيام بذلك دون تغيير آراء أي شخص. يمتلك بعض المتحدثين المضادين الآخرين (وبعض الأولين أنفسهم) هدفًا آخر: دعم الأشخاص الذين تعرضوا لانتقاص من قدرهم أو لهجوم عن طريق خطاب كراهية. وبفعلهم ذلك يسعون إلى التخفيف من الآثار السلبية للخطاب على الأشخاص الذي يستهدفهم. هناك أيضًا متحدثون مضادون يحاولون إقناع أولئك الذين ينشرون تعليقات تحض على الكراهية بالتوقف – إما عن طريق تثقيفهم أو باستخدام تكتيكات الضغط الاجتماعي، مثل التشهير. يبدو أن تغيير رأي أو سلوك المتحدث الأصلي باستخدام الخطاب المضاد أصعب من التأثير على الجمهور، لكنه ليس مستحيلاً. في الواقع، نجح الخطاب المضاد على الإنترنت في ذلك بدرجة كبيرة.

أحد الأمثلة جيدة التوثيق هو مثال ميغان فيلبس روبر، التي نشأت في كنيسة ويستبورو المعمدانية اليمينية المتطرفة التي كان قد أسسها جدها. وحين كانت ما تزال مراهقة، فعلت كل ما في وسعها لنشر كراهيتها الحادة للمثلية الجنسية والمثليين، وخطابات خطيرة أخرى من الكنيسة، بما في ذلك عبر حساب على تويتر أنشأته لهذا الغرض. هناك، قادها الخطاب المضاد لغرباء على الإنترنت ببطء إلى التشكيك في معتقداتها المتحمسة، إلى أن غادرت ويستبورو، واستبعدتها عائلتها من الكنيسة، وأصبحت متحدثة مضادة ضد آرائها السابقة. نشرت فيلبس روبر كتابًا يصف تجربتها. فيه وفي أحد محادثات TED، تقدم أفكارًا للتحدث المضاد بشكل مقنع.

لمزيد من المعلومات حول ميغان فيلبس روبر، راجع قسم الأمثلة.

 

 

 

 

الاستراتيجيات المستخدمة في الخطاب المضاد

يتخذ الخطاب المضاد العديد من الأشكال، ويستخدم المتحدثون المضادون مجموعة من الاستراتيجيات التواصلية. فيما يلي وصف للعديد من الاستراتيجيات الأكثر شيوعًا أو إثارة للاهتمام.

 

التضخيم

الاستجابة الأكثر شيوعًا للمحتوى المرفوض أو الذي يحض على الكراهية على الإنترنت، كما هي الحال مع أي شيء آخر يعد مؤذيًا، هو محاولة التخلص منه أو الرغبة بأن شخصًا آخر سيجعله يختفي. ومع ذلك فإن البعض يفعل العكس، إذ يلفتون انتباهًا أكبر إلى المحتوى المؤذي أو الذي يحض على الكراهية، بنشره على نطاق واسع أو بجعله حرفيًا أكبر أو مرئيًا بصورة أكبر. أطلق مشروع الخطاب الخطير على هذه الاستراتيجية اسم «التضخيم».

أولئك الذين يستخدمون التضخيم في ردهم غالبًا ما يأخذون محادثات بين عدد قليل من الأشخاص وينشرونها في منتدى أكبر بكثير (على الإنترنت أو خارجه) ليراه عدد كبير من الأشخاص. قد يبدو ذلك مناقضًا للبديهة: لماذا ننشئ منصة أكبر لخطاب مؤذ أو مسيء حين يكون الهدف الأقصى تقليل كمية الكراهية على الإنترنت؟

يمكن أن يكون لفت أنظار جمهور أكبر إلى المحتوى السيئ تكتيكًا تثقيفيًا، مثلًا بتعريف الرجال على نوع التحرش الذي تتعرض له النساء على الإنترنت. يمكن أن يرغم التضخيم أيضًا البشر على التفكير بحقائق هامة وغير مريحة يعرفونها، لكنهم لا يحبون الاعتراف بها. فمثلًا جمع مشروع الخطاب المضاد البرازيلي مرايا العنصرية Mirrors of Racism المنشورات العنصرية من وسائل التواصل الاجتماعي ووضعها بأحرف كبيرة على اللوحات الإعلانية. قال رجل برازيلي أبيض أجريت معه مقابلة مباشرة بعد مروره بجانب إحدى اللوحات الإعلانية أن أشخاصًا مثله يقولون إن بلدهم ليس بلدًا عنصريًا، إلا أن اللوحات الإعلانيات أظهرت كم كان ذلك خطأ.

ثانيًا، حين يعرض جزء من المحتوى على جمهور أكبر، فمن المرجح بشدة أن بعض الأعضاء على الأقل من الجمهور الجديد ذاك لن يتشارك معايير الخطاب ذاتها التي استخدمها المؤلف الأصلي. قد يستجيب الجمهور الجديد مع الخطاب المضاد، معبرين عن آرائهم الخاصة.

> لمزيد من المعلومات حول مرايا العنصرية، راجع قسم الأمثلة.

 

التعاطف

يستخدم بعض المتحدثين المضادين لغة متعاطفة كأداة لتغيير نبرة الخطاب على الإنترنت. ويستجيبون على نحو متعاطف مع أولئك الذين ينشرون الكراهية، في محاولة للتواصل معهم وجعلهم يشعرون بأنهم مسموعون ومفهومون. يمكن أن يساعد ذلك في تغيير السلوك أو حتى القناعات. فمثلًا تواصل ديلان مارون، الممثل والكاتب وصانع المحتوى على الإنترنت، مع قراء كانوا قد أرسلوا له رسائل كراهية مسيئة، ودعاهم إلى التحدث معه على الهاتف. حين قبل بعضهم ذلك، مارس ما يسميه «التعاطف الراديكالي» خلال المحادثات، وعرض تلك الجهود في سلسلة من البودكاست وفي كتاب، أطلق عليهما اسم محادثات مع أشخاص يكرهونني.

يستخدم المتحدثون بشكل مضاد أيضًا لغة متعاطفة للتواصل مع أشخاص يكونون هدفًا لخطاب عدائي على الإنترنت، وتأسيس أعراف خطاب مدني في مساحات معينة على الإنترنت. ولإظهار أن الخطاب المضاد الذي ينبني على التعاطف يمكن أن يحدث تحولات كبيرة، ليس على المرء سوى أن ينظر إلى حالة ميغان فيلبس روبر التي شهدت حياتها وقناعاتها تحولًا من خلال الخطاب المضاد على الإنترنت. وقد ذكرت أن اللغة المتعاطفة لبعض المتحدثين المضادين الذين تفاعلوا معها قد أحدثت فارقًا كبيرًا. فقد تواصلوا معها على المستوى الشخصي وناقشوا مواضيع مثل الموسيقى والطعام. وبحسب وصف فيلبس روبر:

«كنت أتعرف على هؤلاء الأشخاص، وبدأت أشعر بأني أصبح جزء من جماعة، على الرغم من أنهم لم يكونوا أصدقاء مقربين. ولم يكن الأمر أني كنت أفكر بوعي (أوه، لا أريد الإساءة لهؤلاء الأشخاص)، لكن ذلك أصبح بالتأكيد شعورًا بأني أرغب بإيصال رسالتنا بطريقة يسمعونها. لقد جئت لأهتم بما يفكرون فيه».

> تستشهد فيلبس روبر بهذا الشعور المتزايد بالألفة بينها وبين أولئك الذين يستجيبون لها كسبب رئيسي لنجاح جهود الخطاب المضاد.

التثقيف

يحدث الخطاب المضاد التثقيفي حين يستجيب الناس بصورة مباشرة لرسالة كراهية أو رسالة مؤذية على الإنترنت بطريقة توفر للمتحدث أو الجمهور معلومات جديدة لا فقط نشر سلوكهم بهدف التشهير بهم.

في المقابلات التي أجراها مشروع الخطاب الخطير مع المتحدثين المضادين، ذكر العديد أن تثقيف الأشخاص (سواء كان الشخص الذي ينشر الكراهية أو الجمهور) هو الهدف الرئيسي لهم. قد يصحح المتحدثون المضادون معلومات مضللة تحض على الكراهية، ويشرحون سبب كون هذه الرسائل رسائل كراهية، أو حتى قد يضخمون خطاب كراهية كوسيلة لتثقيف الآخرين حول وجوده والحاجة للتدخل.

من بين الأمثلة البارزة عن هذه المقاربة مجموعة #jagärhär («أنا هنا» بالإنجليزية) ومجموعات الخطاب المضاد الأخرى المرتبطة بها في أكثر من 12 بلد آخر. أسست مينا دينيرت، الصحافية السويدية، #jagärhär في عام 2016 بعد أن لاحظت تصاعدًا مفاجئًا في رهاب الأجانب وأشكال أخرى للكراهية عبر الإنترنت، وبدأت تستجيب له، ومن ثم عينت أشخاصًا آخرين للمساعدة في ذلك. تصف دينيرت الأيام الأولى: «اعتدت التحدث إلى أشخاص كانوا يتابعون مدوني الكراهية والمواقع الإعلامية المزيفة، طارحين عليهم أسئلة» وإعطائهم روابط لمعلومات جرى التحقق من صحتها في محاولة لإيقاف لغة (نحن وهم) ومساعدة الأشخاص الذي أُقنعوا بأكاذيب وكانوا يخافون المهاجرين والمسلمين والنساء ومدفوعين إلى كراهيتهم. لقد أنشأت المجموعة لنيل المساعدة من أصدقائي لمساعدتي في مساعدة الأشخاص على التحرر من مخاوفهم وكراهيتهم».

> لمزيد من المعلومات حول #أنا هنا، راجع قسم الأمثلة.

الفكاهة

يكتب بعض المتحدثين المضادين ردودًا فكاهية لعدة أسباب. أولًا لجذب القراء، نظرًا إلى أن معظم الناس يحبون الفكاهة. وهي أيضًا وسيلة راحة للمتحدثين المضادين، لا سيما حين يستجيبون لهجمات عليهم. تعرض حسنين كاظم، وهو صحفي ألماني هاجر والداه إلى ألمانيا من باكستان، للهجوم بسبب اسمه ولون بشرته منذ أن كان طفلًا، وتلقى سيلًا من رسائل الكراهية حين أصبح بالغًا. وكانت ردوده الفكاهية على رسائل البريد الإلكتروني التي تحض على الكراهية نوعًا من آلية تكيف بالنسبة له بتحويل الألم إلى متعة. وعندما نشر بعضًا منها على وسائل التواصل الاجتماعي، حظي أيضًا بمعجبين متحمسين توسّلوا إليه أن يؤلف كتابًا حول هذا الموضوع. وقد كتب ثلاثة منها حتى الآن.

«أحاول في كثير من الأحيان أن آخذ الأمر بروح الدعابة، حتى لو لم أشعر برغبة في الضحك لدى قراءة الرسائل»، يكتب كاظم، في إشارة إلى رسائل الكراهية التي يتلقاها منذ سنوات. «الفكاهة وسيلة للتعامل مع كامل الكراهية، وتحملها». ويواصل قائلاً إن الفكاهة سلاح جيد ضد الخوف، ويضيف «من زاوية مثالية، تعتبر الفكاهة أيضًا سلاحًا ضد مرسلي رسائل الكراهية، خصيصًا حينما تنجح في ضربهم أو كشف هويتهم، أو على الأقل إجبارهم على التفكير. وهذا لا ينجح دائمًا، ولكنه في كثير من الأحيان يكون كافيًا، بحيث يكون من المفيد اتباع هذا المسار. الشيء المهم هو ألا تكره أبدًا. وإلا فإنك قد خسرت منذ البداية».

يستخدم أعضاء ريكونكويستا إنترنت Reconquista Internet، وهي مجموعة منظمة للخطاب المضاد أسسها الكوميدي الألماني يان بومرمان في عام 2018، الفكاهة أيضًا في كثير من الأحيان. وقد أنشئت المجموعة لمواجهة خطاب الكراهية الذي تنشره مجموعة أخرى، ريكويستا جيرمانيكا Reconquista Germanica، وهي مجموعة كراهية عالية التنظيم تهدف إلى تعطيل المناقشات السياسية والترويج للحزب القومي اليميني الشعبوي، البديل لألمانيا. نظرًا إلى أن أعضاء مجموعة ريكونكويستا إنترنت ركزوا على مجموعة محددة من الخصوم، فقد استخدموا أحيانًا الفكاهة لإزعاج أعضاء مجموعة ريكويستا جيرمانيكا. قال أحد أعضاء ريكويستا إنترنت ضاحكًا: «[أردنا] إفساد الإنترنت للأشخاص الذين أفسدوها لنا». في أحد الأمثلة، وصف إغراق مخدم شبكة يستخدمه أعضاء ريكويستا جيرمانيكا بمصطلحات ألمانية ترجمت إلى الإنجليزية فقط «لأن ذلك كان يجعلنا نضحك».

قد تدفع الفكاهة الشخص الذي ينشر الكراهية إلى تغيير آرائه، خاصة حينما يكون هو نفسه موضوع النكتة، لكنها غالبًا ما تجذب الانتباه أو تجعل الخطاب المضاد ممتعًا لأولئك الذين يمارسونه، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى جعل الناس أكثر ميلًا للحفاظ على التحدث المضاد مع الوقت.

> لمزيد من المعلومات حول حسنين كاظم وReconquista Internet، راجع قسم الأمثلة.

التشهير

يُستخدم التشهير على الإنترنت بصورة شائعة لمعاقبة الخطاب أو أي سلوك آخر على الإنترنت وخارجه، وهو دائمًا ما يسلط الضوء على التفاوت بين معايير مجموعة ما وسلوك شخص آخر. التشهير سخرية من شخص ما، غالبًا في منتدى عام كبير، ويكون بمثابة تحذير للآخرين عما يمكن أن يحدث عندما يخالف شخص ما معايير المجموعة.

من بين أوائل الأمثلة الشهيرة عن التشهير على الإنترنت حالة جوستين ساكو. كما يصف الصحفي جون رونسون في كتابه الصارد عام 2015، إذن لقد تعرضت لتشهير علني، في عام 2013، غردت ساكو، وهي مسؤولة تنفيذية للعلاقات العامة، بتعليقات مهينة استهدفت أشخاصًا من عدة دول في رحلة طويلة، مشيرة إلى أن الإنجليز لديهم أسنان سيئة، وأن ألمانيًا واحدًا على الأقل كان بحاجة لمزيل عرق. ومن ثم قبل صعودها على متن رحلة طويلة إلى مدينة كيب تاون، غرّدت ساكو: «أنا ذاهبة إلى أفريقيا. آمل ألا أصاب بالإيدز. إني أمزح، أنا بيضاء!».

عند هبوطها من الطائرة، كان عشرات الآلاف من الأشخاص قد ردوا بغضب على تغريدتها، وكانت الموضوع الأكثر انتشارًا في جميع أنحاء العالم على تويتر. صحح البعض خطأها (ربما المتعمد)، مشيرين إلى أنه بالطبع يمكن أن يصاب الأشخاص البيض بالإيدز. وسرعان ما تحول الغضب إلى شماتة لدى البعض، الذين انتظروا بفارغ الصبر هبوط طائرة ساكو، حتى يتمكنوا من مشاهدتها تدرك ما يحدث لها. غرّد أحدهم «كل ما أريده في عيد الميلاد هو رؤية وجه @JustineSacco حين تهبط طائرتها وتتحقق من صندوق البريد الوارد/البريد الصوتي الخاص بها». كما وظفوا رجلًا من جنوب أفريقيا للذهاب إلى مطار كيب تاون، والتقاط صورة لساكو، ومشاركتها مع جمهور تويتر الذي تشكل بسرعة حول هاشتاغ #هل هبطت جستين. طُردت ساكو من وظيفتها على خلال مدة قصيرة، بالإضافة الى آثار ملموسة أخرى على حياتها. كذلك، فُصل العديد من الأشخاص الآخرين بعد تعرضهم للتشهير على الإنترنت.

 

اعتبارات عملية

قبل الانخراط في الخطاب المضاد، ينبغي معرفة المخاطر التي ينطوي عليها ذلك. يتعرض المتحدثون المضادون أحيانًا للانتقاد والهجوم بسبب ما يفعلونه. وتزداد هذه المخاطر بالنسبة لأولئك الذين يتحدثون ضد نظام استبدادي. إذا كنت تفكر في أن تصبح متحدثًا مضادًا، فمن المهم أن تتعلم كيفية حماية نفسك قبل أن تبدأ.

أصدرت منظمة بي إي إن أمريكا PEN America، وهي منظمة غير حكومية تعمل على الدفاع عن حرية التعبير والكتّاب والأدب، مبادئ توجيهية لممارسة الخطاب المضاد بشكل آمن كجزء من «دليل ميداني» للتعامل مع التحرش على الإنترنت. ويوصي الدليل أولًا بتقييم التهديد، سواء من ناحية الأمن الجسدي أو الرقمي. تعتمد مخاطر السلامة على السياق. ومن العوامل التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار: موقعك، ولمن – ولأي موضوع – تستجيب، وكم من معلوماتك الشخصية متاحة على الإنترنت.

يمكن أن تساهم الاستراتيجيات التي تستخدمها في ردك في حمايتك أيضًا. فالمشاركة إلى جانب آخرين يمكن أن تساعد، إذ إنها تعني أنك لن تكون هدفًا منعزلًا، ويمكن لمتحدثين مضادين آخرين أن يدعموك بسرعة إن تعرضت لهجوم على الإنترنت. يمكن لتجنب الردود المباشرة على أحد الأفراد أن يساهم أيضًا في تجنب الصراع. وعوضًا عن ذلك، ركز على التحدث المضاد بطرق يمكن لها أن تؤثر بصورة إيجابية على آخرين قد يقرؤون تعليقاتك، وهم أيضًا الأشخاص الذين لديك فرصة أفضل بإقناعهم. يمكنك أيضًا أن تضغط على زر «إعجاب» بالخطاب المضاد الذي يكتبه آخرون. يضخم هذا خطابهم في حين يحد من انكشافك الشخصي.

 

 

أمثلة

a. #أنا هنا

#أنا هنا هي شبكة دولية جماعية للخطاب المضاد، أسستها مينا دينيرت في السويد عام 2016. وتضم أكثر من 150 ألف عضو وتنشط في 17 دولة. يعمل الأعضاء معًا عبر مجموعات فيسبوك وطنية لكتابة خطابهم المضاد ونشره وتضخيمه، والذي يستجيب للتعليقات على المقالات الإخبارية التي تنشر على فيسبوك. يتبع الأعضاء مجموعة من القواعد لدى صياغة خطابهم المضاد، والتي تتضمن الحفاظ على لهجة محترمة وغير متعالية وعدم نشر التحيز أو الشائعات مطلقًا. لتحقيق مهمتهم، يبحث أعضاء #أنا هنا في فيسبوك عن تعليقات كراهية على المقالات الإخبارية والصفحات العامة، ويرسلونها إلى إداريين يختارون عددًا قليلًا منها لتفنيدها من قبل المجموعة بأكملها. وفي جهد مشترك، ينشر الأعضاء بعد ذلك تعليقات مستندة إلى الحقائق، ويضغطون على زر الإعجاب بها في المواضيع ذات الصلة. وبالاستفادة من نظام التصنيف على فيسبوك، والذي يعطي الأولوية للتعليقات على أساس المشاركة (الإعجابات والردود)، يمكنهم رفع استجاباتهم وإحالة تعليقات الآخرين التي تحض على الكراهية أو على معاداة الأجانب إلى أسفل المواضيع حيث من غير المرجح أن تُرى.

يقول أعضاء #أنا هنا أنهم يحاولون تضخيم التعليقات التي تطرح محاججة منطقية، والمكتوبة بشكل جيد، والتي تستند إلى حقائق، سواء كانت مكتوبة بواسطة أعضاء #أنا هنا أم لا. الهدف هو الوصول إلى جمهور أوسع، بما في ذلك أولئك الذين يتصفحون بشكل عرضي صفحاتهم الرئيسية على فيسبوك، والتأثير على آرائهم حول الموضوع المطروح. غالبًا ما يُشار إلى هذه المجموعة القابلة للإقناع باسم «الوسط القابل للتحرك»، ويسعى #أنا هنا إلى التأثير عليهم بحجج مضادة منطقية وواقعية. والعديد من أعضاء #أنا هنا يتحدثون أيضًا بشكل مضاد ليعرف الآخرون أنهم ليسوا وحدهم في معارضة خطاب الكراهية. يمكن أن تخلق أقسام التعليقات انطباعًا بوجود كراهية واسعة النطاق، وهو ما لا يمثل بالضرورة الأغلبية. وبمشاركة المعارضة وتعزيز حوار بناء بصورة أكبر، فإنهم يمكّنون الآخرين الذين ربما ظلوا صامتين من التعبير عن وجهات نظرهم والانضمام إلى المحادثة كمتحدثين مضادين زملاء. تزدهر #أنا هنا بفضل الجهود التعاونية والاستخدام الاستراتيجي لمنصة فيسبوك لتعزيز ثقافة خطاب متسامح ومتفهم ويستند الى الوقائع. ومن خلال أعمالهم المتفانية، فإنهم يسعون إلى خلق بيئة افتراضية يحجب فيها خطاب الكراهية، وتسود فيها أصوات العقل والتسامح.

b. مرايا العنصرية

تشكل حملة مرايا العنصرية البرازيلية مثالًا بارزًا عن استخدام التضخيم الاستراتيجي للاستجابة للكراهية. في عام 2015، أصبحت الصحفية ماريا كوليا كوتينيو (التي عرفت على نطاق واسع بلقبها ماجو) أول مذيعة طقس سوداء للبرنامج الإخباري البرازيلي في أوقات الذروة، جورنال ناسيونال. أثارت هذه اللحظة التاريخية موجة من العنصرية على الإنترنت، إذ أطلق بعض البرازيليين سيلًا من الكراهية لا ضد ماجو فحسب، بل أيضًا ضد برازيليين سود آخرين.

ردًا على ذلك، وحدت كريولا، منظمة برازيلية للحقوق المدنية للنساء، جهودها مع جهود شركة و٣هاوس الإعلانية لابتكار حملة مناهضة للعنصرية. وقررتا مواجهة القضية وجهًا لوجه عبر تجميع تعليقات عنصرية واضحة وفظة. ومن ثم ألصقت هذه العبارات المسيئة بأحرف ضخمة على لوحات إعلانية، وضعت بصورة استراتيجية في 5 مدن برازيلية في الأحياء التي كان الأفراد المسيئون قد نشروا التعليقات المسيئة منها. وعرضت كل لوحة إعلانية بشكل بارز أيضًا عبارة «عنصرية افتراضية، عواقب فعلية».

وقالت لوسيا كزافييه، المنسقة العامة لمنظمة كريولا: «كانت استراتيجية الحملة تتمثل في نقل الخطاب العنصري من الإنترنت وفضحه في الشوارع لكي يتمكن سكان (المنطقة) من إدراك الأذى الناجم عن هذه الأعمال الافتراضية». ولتضخيم رسالة الحملة ومحتواها بصورة أكبر، أجرت و٣هاوس مقابلات مع برازيليين بخصوص الحملة وشاركت مقاطع الفيديو الناتجة عنها. أظهر أحد مقاطع الفيديو ردود أفعال المارة في الشارع حين واجهوا اللوحات الإعلانية. في هذا الفيديو، علق رجل أبيض في منتصف العمر قائلاً إن بعض البرازيليين يميلون إلى التغاضي عن وجود العنصرية، إلا أن اللوحة الإعلانية لفتت الانتباه بشكل فعال إلى هذه القضية الملحة. وفي مقطع آخر، وقف الشخص الذي كان صاحب أحد المنشورات العنصرية أمام لوحة إعلانية تعرض عبارته المسيئة وصورة شخصية ضبابية له واعتذر لامرأة سوداء. ومن ثم نشرت مقاطع الفيديو هذه على الإنترنت، الأمر الذي وسع نطاق الحملة إلى ما هو أبعد من المجتمعات التي وضعت لديها اللوحات الإعلانية، ونشر الرسالة المناهضة للعنصرية على نطاق واسع.

c. حسنين كاظم

بالنسبة لحسنين كاظم، وهو صحفي ألماني يكتب حول مواضيع مثل سياسة اللجوء وصعود الحزب الشعبوي اليميني، البديل لألمانيا، فإن تلقي رسائل الكراهية هو مصدر دائم للألم. على الرغم من أنه قد ولد في ألمانيا وكبر في بلدة صغيرة هناك، عادة ما يفترض الناس أنه أجنبي بسبب اسمه الباكستاني ولون بشرته الداكن، ويرسلون إليه رسائل غاضبة مفادها أن ليس من حقه أن يعلق على القضايا الألمانية. ومعظمهم يهاجمونه بصفته مسلمًا (وهو ليس كذلك) ويعلقون تعليقات كراهية وغالبًا ما تكون عنيفة عن المسلمين والإسلام عمومًا. وبعضهم يسأل أسئلة يجيب عنها كاظم، بصورة مفصلة في كثير من الأحيان. وخلافًا لمعظم المتحدثين المضادين الذين يردون لمرة واحدة فقط على كل جزء من المحتوى، يدخل كاظم في بعض الحوارات المطولة مع القراء، وأحيانًا يحاول تثقيفهم بصبر كبير حول مواضيع كارتداء الحجاب أو حرية التعبير، وأحيانًا تبادل الإهانات.

في عام 2016، مدفوعًا بتزايد رهاب الأجانب المشابه لما ألهم مينا دينيرت لإنشاء مجموعة الحديث المضاد #أنا هنا، قرر كاظم الرد على أكبر عدد ممكن من رسائل الكراهية، وغالبًا ما يكون ذلك بأسلوب فكاهي. وقد رد بالفعل على مئات الرسائل. على الرغم من أن تلك المهمة كانت تستهلك الوقت وتثبط الهمة، كما يكتب كاظم، فقد كان يعتقد أنه من المهم مواجهة هذا النوع من الكراهية الشريرة والعنيفة التي غالبًا ما توجه ضده. يكتب كاظم «ما يخيفني هو أني ألاحظ تآكل المقاومة» لكراهية كهذه في المجتمع الألماني. في إحدى الحالات، كتب قارئ اكتفى باسم المستخدم «كرايست2017» يسأل كاظم «هل تأكل لحم الخنزير، سيد كاظم؟» أجاب كاظم «لا، آكل الفيل والجمل فقط. أفضل الفيل مطبوخًا جيدًا، والجمل نيئًا». «تريد أن تكون ألمانيًا، لكنك لا تأكل لحم الخنزير؟!» تابع كرايست2017 كلامه ليصف كاظم، دون سخرية، بالخنزير الإسلامي. أجاب كاظم «لم أكن أدرك أن جميع الألمان يأكلون لحم الخنزير. شكرًا لتوضيحك، الآن بت أعرف: لحم الخنزير هو الثقافة الألمانية! الويل لأي أحد ألتقيه في حفل الشواء التالي لا يحشو نقانق لحم الخنزير في فمه أو سيكون حتى، يا للويل، أسوأ من أسوأ الإسلاميين، النباتيين!». ومن ثم هدده كرايست2017 «اصمت كليًا كضيف إسلامي في بلدنا».

في مناسبة واحدة على الأقل، حين أدرج مرسل لتهديدات عنيفة تفاصيل عن مهنته، سواء بتحد أو دون قصد، بلّغ كاظم صاحب العمل بها. حدثت حالة كهذه في شهر أغسطس من عام 2020، بعد أن أخبر أحدهم كاظم في بريد إلكتروني أنه ينبغي أن «يضاجَع بقوة، ومن ثم يشق ويعلق من أمعائه»، وأنه «طفيلي أجنبي قذر ومقرف» تجرأ «على المجاهرة بالحديث ضد الشعب الألماني الأبي». كان كاتب ذلك مندوب مبيعات في شركة ألمانية وكان قد أرسل رسالة إلكترونية من عنوان عمله. وجد كاظم تفاصيل جهة الاتصال الخاصة بصاحب العمل وأرسل محتوى الرسالة الإلكترونية لمجلس إدارة الشركة، محذرًا من أنه ما لم يتخذ إجراء ضده، فإن «أمرًا مهولًا» سينتج عن ذلك. بعد فترة من الوقت، أرسلت إلى كاظم نسخة من رسالة استقالة الشخص. جمع كاظم العديد من الأمثلة عن رسائل الكراهية التي كان يتلقاها، مع ردوده، ونشرها مع تعليق شامل يحفز على التفكير في كتاب عنونه Post von Karlheinz («رسائل من كارلهاينز»)، في عام 2018. بيع من الكتاب أكثر من 100 ألف نسخة. وحتى كتابة هذه السطور، لم يترجم الكتاب بعد إلى الإنجليزية أو لغات أخرى. ومنذ ذلك الحين، نشر كاظم كتابين آخرين يتعلقان بالخطاب المضاد اشتملا على Auf sie mit Gebrüll! … und mit guten Argumenten (اذهب إليهم مع صرخة غضب! … ومحاججات جيدة) وMein Kalifat: Ein geheimes Tagebuch, wie ich das Abendland islamisierte und die Deutschen zu besseren Menschen machte (خلافتي: يوميات سرية حول كيف أسلمت الغرب وجعلت الألمان أشخاصًا أفضل).

d. ريكونكويستا إنترنت Reconquista Internet

أطلقت ريكونكويستا إنترنت في أواخر شهر أبريل من عام 2018 على يد الكوميدي والشخصية التلفزيونية جون بوهمرمان، الذي أعلن عن تأسيس المجموعة خلال برنامجه الإذاعي الساخر، نيو ماغازين رويال، شارك بوهمرمان رابطًا لمجموعة خاصة على حسابه على تويتر، الأمر الذي جذب عددًا مذهلًا من الأعضاء بلغ 8700 خلال الساعات الثلاث الأولى.

تعتبر ريكونكويستا إنترنت استثناء من ناحية أنها أنشئت للرد على محتوى من مصدر واحد محدد: ريكونكويستا جيرمانيكا Reconquista Germanica، وهي مجموعة كراهية عالية التنظيم عطلت المجموعة المناقشات السياسية وروجت للحزب القومي الشعبوي اليميني، البديل لألمانيا.

شعار ريكونكويستا إنترنت هو «Wir sind nicht GEGEN etwas. Wir sind FÜR Liebe und Vernunft und ein Friedliches Miteinander» («نحن لسنا ضد أي شيء. نحن مع الحب والعقل والتعايش السلمي»). ومع ذلك، تمسك بعض الأعضاء بالدعوة الأساسية، التي انطوت على شعار مختلف إلى حد ما: «نحن الأوغاد الذين يفسدون متعة الإنترنت للأوغاد الذين يفسدونها بالنسبة لنا» («Wir sind die Wichser, die den Wichsern, die uns den Spaß am Internet verderben, den Spaß am Internet verderben»). بالنسبة لهم، «إفساد المتعة» لأعضاء ريكونكويستا جيرمانيكا يتضمن أنواعًا مختلفة من الاستجابات، بما في ذلك أشياء مثل التسلل إلى مخدم شبكة القنوات الخاصة بريكونكويستا جيرمانيكا وإغراقها بالتعابير الألمانية المترجمة إلى الإنجليزية فقط «لأنها كانت تجعلنا نضحك»، كما ذكر أحد الأعضاء. إلا أن العديد من أعضاء المجموعة اتبعوا اقتراح «اسخر بحب Troll with love»، متجنبين النقد اللاذع والكراهية في ردودهم. درس جوشوا جارلاند وزملاؤه تأثير ريكونكويستا إنترنت على الخطاب على الإنترنت في ألمانيا. فقد جمعوا أكثر من 9 ملايين تغريدة مصدرها ريكونكويستا جيرمانيكا وريكونكويستا إنترنت. وأنشأ الأعضاء محدِّدًا لتحديد الخطاب وتشفيره، باعتباره خطاب كراهية أو خطابًا مضادًا أو لا شيء إطلاقًا. من بين 135,500 محادثة تويتر «حُلت بالكامل» جرت بين عامي 2013 و2018، وجد الأعضاء أنه بعد تشكيل ريكونكويستا إنترنت، انخفضت حدة ونسبة خطاب الكراهية حسبما يبدو. يشير الأعضاء إلى أن «هذه النتيجة تشير إلى أن الخطاب المضاد المنظم ربما ساعد في موازنة خطاب الاستقطاب والكراهية، على الرغم من صعوبة تحديد السببية نظرًا إلى الشبكة المعقدة من الأحداث والعمليات عبر الإنترنت وخارجه في المجتمع طوال تلك الفترة» (ص 109).

e. ميغان فيلبس روبر

حين كانت ميغان فيلبس روبر ما تزال طفلة صغيرة، أثارت غضب جدها فريد فيلبس، الواعظ ومؤسس كنيسة ويستبورو المعمدانية الصغيرة، مزاعم عن اجتماع رجال مثليين لممارسة الجنس في حديقة قريبة. في عام 1991، أرسل أعضاء الكنيسة في مسيرة أمام الحديقة، حاملين لافتات شديدة العداء للمثليين. واستمروا في ذلك يوميًا، حتى بعد وصول متظاهرين غاضبين يؤيدون الطرف الآخر.

وخلال السنوات التي كبرت فيها فيلبس روبر، تنامت أيضًا ممارسة الاعتصام الجديدة التي باتت تميز الكنيسة. شاركت فيلبس روبر وعائلتها الممتدة في مسيرات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بما في ذلك جنازات الجنود الأمريكيين الذين قتلوا في العراق وأفغانستان، لتعزيز فكرة فريد فيلبس بأن وفاة أي جندي أمريكي كانت عقابًا إلهيًا ضد البلد بأكمله، لتسامحه مع المثلية الجنسي. في سن المراهقة، أنشأت فيلبس روبر حسابًا على تويتر، وفي عام 2009 بدأت باستخدام المنصة لنشر كراهية ويستبورو. تزايد عدد متابعيها بسرعة، إلا أن العديد من الأشخاص تحدوا تغريداتها، وتحدثوا بصورة مضادة في وجه الأفكار التي كانت تحاول نشرها. تدريجيًا، تغيرت وجهات نظرها المتصلبة.

قالت فيلبس روبر أنه كان هناك نوعين فعالين بشكل خاص من الرسائل في إثارة الشكوك لديها. أولًا، شكك الأشخاص أصحاب المعرفة والمعتقدات الدينية (بما في ذلك حاخام) في تفسير ويستبورو للكتاب المقدس. ومن بين المحاججات حول أفكارها، تقول إن أولئك الذين بقوا ضمن نطاق تعاليم الكتاب المقدس كانوا على الأرجح قادرين على الوصول إليها. وقالت: «كانت الحجج الإلحادية بعيدة كل البعد عما كان بإمكاني فعله، لذا لم تكن بالفعالية ذاتها». بل إن أولئك الذين «قبلوا مسلّمات معتقداتي (الكتاب المقدس)، غير أنهم حاولوا بعد ذلك إيجاد تناقضات فيها، هو ما فتح الباب أمام الباقي».

أتى النوع الثاني من الرسائل التي أثرت في فيلبس روبر من أشخاص خاطبوها بأدب وحاولوا التواصل معها على المستوى الشخصي، ومناقشة موضوعات لا علاقة لها بتغريداتها، كالموسيقى والطعام. وقد كونت صداقات مع بعض هؤلاء الأشخاص، واستشهدت بإحساس متزايد بالألفة بينها وبين أولئك الذين يستجيبون لها كسبب رئيسي لنجاح جهود الخطاب المضاد. فبدلًا من الحكم على معتقداتها وسلوكها وفقًا لمعايير المجتمع الذي لم تكن جزء منه، حاول المتحدثون المضادون التعرف عليها أولًا. وما إن شعرت بإحساس بالألفة معهم، بدأت معاييرهم تحمل معنى بالنسبة لها. في شهر نوفمبر من عام 2012، غادرت الكنيسة.

بعد وقت قصير من مغادرة ويستبورو، قررت فيلبس روبر مواصلة عملها على تويتر. ولكن عوضًا عن نشر الكراهية، كرست نفسها للخطاب المضاد. وهي تستخدم اليوم العديد من التكتيكات ذاتها التي كانت تُستخدم ضدها في السابق: استخدام محاججات واقعية، ومحاولة إيجاد أرضية مشتركة، والاعتراف بإنسانية مستخدمي تويتر الآخرين.
في عام 2017، ألقت محاضرة TED مع توجيه للمتحدثين المضادين، وفي عام 2019، نشرت كتابًا عن تجاربها بعنوان إلغاء المتابعة: مذكرات عن المحبة وترك التطرف.

 

 

Further Resources

Research and resources from the Dangerous Speech Project

Other academic publications

Resources from other NGOs

Facebook’s Counterspeech hub

Final Remarks

The Future of Free Speech thanks the below institutions for all their support in the creation of this output.

 

 

For more information on The Future of Free Speech please visit: https://futurefreespeech.org/

Media Inquiries
Justin Hayes
Director of Communications
justin@futurefreespeech.com